منتدى شباب الاقتصاديين المصريين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

طلب العلم

اذهب الى الأسفل

طلب العلم  Empty طلب العلم

مُساهمة من طرف البرنس لطفى الثلاثاء أبريل 26, 2011 8:47 pm

بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ..... أما بعد :-

أخواني الكرام :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الناس من جهة التمثال أكفــــــــــــــــــاء # أبوهم آدم والأم حـــــــــــــــــــــــــــــواء

فإن يكن لهم في أصلهم شـــــــــــــــرف # يــــــــــــفاخرون به فالطين والمـــــــاء

ما الفخر إلا لأهل العلم إنـــــــــــــهـــم # عـــــــــــــلى الهدى لمن استهدى أدلاء

وقدر كــــل امرئ ما كان يحسنـــــــــــه # والجــــــاهلون لأهل العلم أعـــــــــداء

ففز بعلم تعش حــياً به أبـــــــــــــــــــــداً # الناس موتى وأهل العلم أحيـــــــــــــاء

أيها الأخوة الأعزاء:-

إن العلم حياة للقلوب ، ونور للبصائر ، وهو شفاء الصدور ، ورياض العقول ، ولذة الأرواح ، وأنس المستوحشين ، ودليل المتحيرين .

يقول معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه :

( تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلم صدقة ، وبذله لأهله قربة ، لأنه معالم الحلال والحرام ، والأنيس في الوحشة ، والصاحب في الخلوة ، والدليل على السراء والضراء ، والزين عند الأخلاء ، والقرب عند الغرباء ، يرفع الله به أقواماً فيجعلهم في الخلق قادة يُقتَدى بهم ، وأئمة في الخُلُق تقتص آثارهم ، وينتهى إلى رأيهم ، وترغب الملائكة في حبهم ، بأجنحتها تحفهم ، لأن العلم حياة القلوب من العمى ، ونور الأبصار من الظلمة ، وقوة الأبدان من الضعف ، يبلغ به العبد منازل الأحرار، ومجالسة الملوك ، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة ، به يطاع الله عز وجل ، و به يعبد ، و به تُوصل الأرحام ، و به يُعرف الحلال من الحرام ، إمام العمل ، والعمل تابعه ، يلهمه السعداء ، ويحرمه الأشقياء ).

الأرض تحيا إذا ما عاش عالمهـــــــــــــا # متى يمت عالم منها يمت طرف

كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بهــــــــــا # وإن أبى عاد في أكتافها التـلف

وإن أمة ترضى بالجهل ، وتتقاعس عن العلم ، وتنصرف عن العناية به وبأهله ، لخليقة بأن تدفع الثمن غالياً ، والضريبة مضاعفة ، فلقد شهدت السنن الربانية ، وسطر التاريخ الإنساني ، ونطق الواقع ، بأن للجهل آثاراً وخيمة على مستوى الفرد والمجتمع .

العلم مال المعدمين إذا هُــــــــــم # خرجوا إلى الدنيا بغير حطـــــام

وأخو الجهالة في الحياة كأنــــــه # ساع إلى حرب بغير حســــــــام

والجهل يخفض أمة ويذلهـــــــــا # والعلم يرفعها أجل مقـــــــــــــــام

أيها الأخ العزيز :-

لقد بين الحق سبحانه وتعالى فضل العلم وأهله ، فقال جل من قائل عليما ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) [ فاطر 28 ] وقال في مُحكم التنزيل ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) [ الزمر 9 ] وقال سبحانه( يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [ المجادلة 11]

وحثنا نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم على طلب العلم وتلقيه ، وبيّن أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد لعبده الخير علمه الدين وفقهه فيه ، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) [1]

وقد بين لنا عليه الصلاة والسلام كذلك أن سبل دخول الجنة كثيرة وعديدة ، ومن بينها طلب العلم ، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله ، لم يسرع به نسبه)[2]

وطالب العلم يعد مجاهداً في سبيل الله تعالى ، من لحظة خروجه حتى ساعة رجوعه ، فعن أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من خرج في طلب العلم ، كان في سبيل الله حتى يرجع )[3]

ولقد بين لنا صلى الله عليه وسلم أيضا ، أن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم ، وأن العالم يستغفر له الكون أجمع ، رضاً بما يصنع ، فعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( من سلك طريقا يبتغي فيه علما ، سلك الله به طريقا إلى الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم ، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر )[4]

أخي – يا رعاك الله – :

تأمل هذا التصوير البياني الرائع ، في فضل العلم والعمل به ، وذلك في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم ، كمثل الغيث الكثير ، أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء ، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ، وأصابت منها طائفة أخرى ، إنما هي قيعان ، لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ) [5]

أخوة الإيمان :

لقد كانت حال سلف الأمة في طلب العلم حالا عجيبة ، استثمروا فيه أوقاتهم ، وأفنوا فيه أعمارهم ، فحصلوا منه ما يدعوا إلى الدهشة ، ويبهر الألباب ، ويستنهض الهمم ، ويشحذ العزائم .
فهذا الإمام البخاري رحل إلى كثير من البلدان ، وجاب كثيراً من الأقطار ، وسمع من أكثر من ألف شيخ ، وكان يستيقظ من النوم ، فيوقد السراج ، ويكتب الفائدة تمر بخاطره ، ثم ينام ثم ينتبه ، حتى إنه في بعض الليالي يعمل هذا عشرين مرة .
وقال أبو زرعة الرازي ( كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث "أي مليوناً " ، قيل له ما يدريك ؟ قال : ذاكرته وأخذت عليه الأبواب ) .
ونحن نتساءل :-

كم منا من يحفظ ألف حديث ؟

بل : -

كم منا من يحفظ الأربعين النووية حفظاً دقيقاً ؟

أيها الأخوة الأفاضل :-

إن اقتران العلم بالعمل قضية كبرى ، ومسألة جوهرية في حياة العلماء وطلاب العلم ، فإن العمل هو المقصود الأعظم من العلم ، فلا قيمة للعلم بدون العمل ، فالعلم يهتف بالعمل ، فإن أجاب وإلا ارتحل .

إذا العلم لم تعمل به كان حجـــــــة # عليك ولم تعذر بما أنت جاهلــــــــــــه

فإن كنت قد أوتيت علماً فإنمـــــــا # يصدق قول المرء ما هو فاعلـــــــــــه

قال عطاء : -
كان فتى يـختلف إلى عائشة رضي الله تعالى عنها فيسألها وتحدثه ، فجاء ذات يوم يسألها ، فقالت : يا بني هل عملت بما سمعت ؟ فقال : لا والله يا أمه ؟ قالت : ففيم تستكثر من حجج الله علينا وعليك .

أخي الكريم :

اعلم أن من أبرز أسباب نسيان العلم وتضييعه ، وسوء حفظه ، كثرة المعاصي والسيئات .

فهذا الإمام الشافعي يقول :

شكوت إلى وكيع سوء حفظــــــــــي # فأرشدني إلى ترك المعاصـــــي

وأخبرني بأن العلم نـــــــــــــــــــــور # ونور الله لا يعطى لعاصــــــــــي

ورحم الله من قال :-

يا صاحب العلم مهلاً لا تدنســـــــــــــه # بالموبقات فما للعلم من خلــــــف

العلم يرفع بيتاً لا عماد لـــــــــــــــــــه # والجهل يهدم بيت العز والشـــرف

أخي – يا رعاك الله – :-

وقبل الوداع ، أحب أن أذكركم بأهمية الإخلاص في طلب العلم ، وإن العلم وبال على صاحبه إن طلبه لغير وجه الله تعالى ، قال صلى الله عليه وسلم ( من طلب العلم ليجاري به العلماء أو ليماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله النار )[6] وقال عليه الصلاة والسلام:- ( من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني ريحها )[7] .

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .

وصلى الله وسلم على نبينا ورسولنا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


[1] متفق عليه
[2] رواه مسلم
[3] رواه الترمذي
[4] رواه الترمذي
[5] متفق عليه
[6] رواه الترمذي

::

البرنس لطفى
عضو نشيط
عضو نشيط

العمر : 25
تاريخ التسجيل : 23/04/2011
عدد المساهمات : 75

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى